أنـتَ بالنّفـسِ لا بالرّوح إنســانٌ
لمعة تشعّ في كل كائن وحياة تظهر في كل موجود، لكن الإنسان هو وحده المخلوق المتميّز، الفريد في وظيفته وغاية وجوده، الفريد في مآله ومصيره، إنّه مخلوق غير مكرّر، هو المخلوق بقَدْر فلم يُخلق عبثاً لكنه خُلقَ لغاية، هو أن يكون سيّد هذه الأرض بخلافته فيها، وكل ما فيها مسخّر له بقدرة الله تعالى، وهو المخلوق الضعيف الذي تغلبه شهواته ويحكمه هواه ويلازمه جهله.
إنّه في تكوينه وخَلقِه جَسدٌ ونفسٌ وروحٌ ، أمّا الجّسد فهو الهيكل أو القالب لإنشاء البناء ، فإذا ما تمّ العملُ أزيلَ الهيكل وبقي البناء . وأمّا الرّوح فهي جوهرُ الخلود والوجود والحاكمة على الكيان الإنساني جسداً ونفساً وعقلاً .
وأمّا النّفس فمكنونٌ عميق ليس من السهل استجلاء كل بواطن الخفاء والتعقيد في جوانبها المحيرة والمدهشة، إلا أن مظاهرها وآثارها واضحة جليّة في القوى التي تسيّر الجسد الذي تسكنه، إنّها الجوهر اللطيف الحامل لقوّة الحياة، والحسّ والحركة والإرادة.
"هي جوهر و كائن روحي له خصائصه الذاتية ، فإذا ما أهمل غشيته طبقة من صدأ الجهل فيفقد طبيعته، غير أنه يمكن إزاحة الصدأ ومحو غياهب الجهل إذا عمد الإنسان إلى التأمل والتفكّر في نفسه، عندها تنكشف له الحقيقة (1) " ، فمعرفة الإنسان لنفسه هي معرفة العنصر الإلهي الذي يوجد في أعماق وجوده، وهي الطريق لمعرفة أسرار الوجود الإلهي .
ولطالما يتعرض الإنسان إلى المواجهة بحقائق عن تكوينه النفسي وخاصة ما كان خافياً في مكنونها وأسرار انفعالاتها، فما زال الإنسان يجهل الكثير عن هذه النفس.
إنّها هبة من الله للإنسان كرّمه بها ، قال تعالى: (( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا.فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا.)) (2)، و يتضح لنا من خلال هذه الآية مدى تكريم النّفس الإنسانية حين أقسم الله بها، وهذا القسم عظيم فلا يليق بالنّفس أن تنسى خالقها أو تستهين بوجودها أو أن تهبط بانفعالاتها وسلوكها وأخلاقها، فالنّفس هي عنوان كرامة الإنسان وجوهره الأصيل.
والنّفس كما وردت في القرآن وتكرّر ذكرها تدلّ على الذات الإنسانية وتشير إلى عنصر الدوافع والنشاط الحيوي أكثر من دلالتها على المعنى الواعي وهي لفظ عام يشمل الإنسان كله ولا يختص بالدلالة على التفكير أو الفهم.
والنّفس الإنسانية والتي نعني بها الإنسان وفعاليته ونشاطه لها علامات وسمات كثيرة أوردها القرآن الكريم فكانت أعظم تحليل نفسي عرضه التاريخ لهذه النفس، وكيف لا يكون أعظم تحليل والذي أخبرنا بذلك هو خالق النّفس والعالم بكنهها وأحوالها لا يخفى عنه ظاهرها ولا باطنها فعلم الله مُحيط بهذه النفس يعلم ما تسرّ وما تعلن.
النّفـس الأمّــارة بالسّــوء
ο صفاتهــا ..
إنّ هذه النّفس ضعيفة جاهلة تنقاد إلى الحسّ الظاهري وتميل إلى الغرور والتعالي والأنانية ولا تعير للقيم والمبادئ والأخلاق والدّين أي اهتمام، ولا مكان للمثل والفضائل داخلها.
هذه النّفس شريرة لا تقنع ولا تشبع تطلب دائماً المزيد، فهي لا تسكن ولا تهدأ عن طلب الأهواء ولا تزهد في شهوة، وإذا تحقّق لها ما تريد طلبت المزيد، دافعها في ذلك الطمع ويحركها التعالي فتنحرف هذه النّفس ويصبح حبّ السّيطرة سلوكها، والبطش حالها والحقد والغضب معدنها والشهوة سلطانها.
وتكون نهاية صاحبها الخسارة والضلال، لا محرك لها إلا الشيطان الذي يمسك بلجام هذه النّفس ويقودها حيث يهوى. وأحوال هذه النّفس دائماً غير مستقيمة ومنحرفة وشاردة عن ضالة الهوى.
وهي غير متوازنة مشتتة الأهداف والمقاصد ليس أمامها بصيص نور يهديها في ظلمات الضّلال المحيط بها.
يقول تعالى: ((وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (3)
لعلاج هذه النّفس يجب البدء بعملية تخلّصها من الصفات المذمومة، ثم تحليتها بالصفات الحميدة ، ويتم ذلك بالمجاهدة والتوبة والنّدم والاستغفار .
والإنسان مخلوق مزدوج الطبيعة مزدوج الاستعداد ومزدوج الاتجاه، أي أنه بطبيعة تكوينه مزوّد باستعدادات متساوية للخير والشرّ، والهدى والضّلال ، وفي النّفس استعدادات فطرية كامنة قادرة على التوجّه إلى الخير والشرّ.
قال تعالى : (( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا.)) (4) ، وهذه القوّة هي ما نعبّر عنها بإرادة الاختيار ، وهي التي توقظ هذه الاستعدادات وتشحذها ، ولكنها لا تخلقها لأنها مخلوقة أصلا مع فطرة الإنسان ، وهذه القوّة هي مناط التبعة فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعدادات الخير فيها فقد أفلح وفاز بخير الدنيا ونعيم الآخرة، ومن ظلم نفسه واختار طريق الشّر فقد خاب وخسر نفسه في الدنيا ونال جزاءه الأوفى في الآخرة. قال تعالى: (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا.)) (5) ، وإرادة الاختيار التي يناط بها توجيه الاستعدادات الفطرية في النّفس إما للخير أو للشر، هي حرية تقابلها تبعة وقُدرة يقابلها تكليف ومنحة يقابلها واجب. ورحمة وعدل من الله فقد أعان الإنسان على تعريفه بمنهج الله فأنزل له الرسالات السماوية التي حددت له دلائل الهدى وكشفت له موجبات الإيمان، فأنار له بذلك طريق الحقّ، وترك بعد ذلك للنّفس أن تختار بمحض إرادتها ، وتتصرف ببصيرة واضحة وإدراك واعي لحقيقة الاتجاه الذي تختار.
ولقد خلق الله الإنسان ولم يتركه دون رقابة أو متابعة، فما من نفس إلا عليها حافظ يراقبها وهو موكل بها بأمر الله فالبشر ليسوا مطلقين إذاً في الأرض بلا حارس ولا مهملين ، إنّما هناك الرقيب الحافظ الأمين الذي يدوّن عن النّفس كل أفعالها وخلجاتها وحركاتها ، وعلى ذلك سوف يكون الحساب يوم الجمع الأعظم. قال تعالى: (( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ )) (6) ، فالنّفس الإنسانية ليست في خلوة ولا تغيب لحظة واحدة عن الرقابة المباشرة لخالقها. قال تعالى: ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ . )) (7) . حسْب الإنسان أن يعيش في ظلال هذه الحقيقة يدركها فيذكر كل لحظة ومع كل حركة أو قول أن هناك رقيب عتيد يسجل عليه لتكون في سجل حسابه بين يدي الله الذي لا يضيع عنده شيء.
قال تعالى: (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى . وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى. وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا.)) (8) . إنّها آيات تذكرة وتنبيه على النّفس أن تستحضرها في كل حين كي تبقى في الحضرة الإلهية وكلّها توجس وحذر وخوف.
والحق في كتابه المبين يذكرنا أن النّفس هي التي سوف تحاسب وهي التي تتلقى الجزاء. قال تعالى: ((وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ.وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ. )) (9).
إنّها حقائق إيمانية وتمام عدل إلهي حين أوكل على النفس حافظ يحفظ عنها كل شيء فلا يضيع من السعي والعمل مثقال ذرّة.
النّفــس الّلــوامـــة
وهي النّفس التي تلوم صاحبها وتحاسبه عند وقوع الإثم وهذه النّفس يختلط داخلها الخير والشّر فهي
في صراع دائم بين ما يجب أن تفعله وما يجب أن لا تفعل تتغلب الطاعة على سلوكها تارة وتهيمن عليها وتجرفها المعصية تارة أخرى وتبقى النفس اللوامة في صراع حتى ينتصر أحد الأمرين.
والفوز العظيم لهذه النّفس حين تنتهج سبيل الخلاص وتهتدي بالاستقامة وأعمال البرّ وتتحلى بالصّبر على البلاء، وحين يصبح الخوف من الله والتوكل عليه في السراء والضراء هو جميع أعمالها. وتغنم هذه النّفس حين تعرض عن أفعال الشر وتجاهد في تجنّب الأهواء وتبتعد عن مهاوي الضلال ونبذ مسلك الأنانية والحقد والفساد.
إنّ هذه النّفس حين تنتهج سبيل الهداية ترتقي وتتسامى ولا تبق على حالة النّدم على ما اقترفته في الآثام.
إنّها النّفس التي صدّقت وآمنت وامتثلت وأطاعت وهي النّفس التي تجاهد الهوى والضلال فلا تتقاعس عن خوض معارك النّفس ضد الفساد ، وطبع هذه النّفس المحاسبة الدائمة فتتمسك بالقيم العليا من خير وبرّ وفضيلة وهي عاملة عابدة لله طائعة خالصة لوجهه الكريم لا تنشد سوى رضا الله ورضوانه ولا تبغي سوى الخير ولا تسلك سوى سبيل الهدى فترقى هذه النّفس وتتسامى بالصالحات في الأعمال حتى تحظى بالدرجات العليا بفضل الله.
النّفـس المطمئنـة
إنّها النّفس التي لا ترى غير الفضيلة مبدأ ولا تختار غير الخير بديلا فأملها بالله خالقها وهاديها، ومتوكلة عليه أبدا راضية بما يرزقها من خير أو شر، تجاهد أبدا وعملها الدؤوب الخير والبر وترضى بما أعطاها الله من نعم غير معترضة على ما يصيبها من امتحان أو ابتلاء، هذه النّفس تسعى أن تحظى بالمقامات
العليا فحالها دائما ظاهرا أو باطنا الخير والبرّ والإحسان، ومستقرّها دائما في مقام السكينة تسترشد دائماً بنور الهدى في ظلمات النّفس، لا تكل و لا تمل تقديس الذات الإلهية والشكر على نعم الله وآلائه، خائفة وجلة من حضرة الله.
صفاتها المميزة الجَلَد والصبر والتواضع والتسامح والحياء لأنها لا ترى في مادية الكون معنى يستحق الاهتمام فشغلها الشاغل رضا الله وعبادته وطاعته.
تُعرف هذه النّفس بطول الصّمت وتواصل الفكر وخفض الصوت والبعد عن التلاعب والصّخب، وطبعُ هذه النّفس التأني والإتقان والإحسان بما يعهد لهم من أعمال، وتعرفُ أخلاقهم بالدماثة ولين الطّبع والصدق والوفاء والاعتدال في الأخذ من كل شيء . وصفة هذه النّفس السكينة أي أن هذه الأنفس تحكم وتسوس أهوائها ، وهذه الصفة تدل على انسجام عناصر النّفس والتوافق بين متناقضاتها ، وهي منقادة في خضوع وسلاسة لصاحبها .
ونرى سماهم على وجوههم، فسمة هذه النّفس السكينة والهدوء في صفحة الوجه ليس هدوء السّطح بل هدوء العمق والباطن.
وهذه النّفس أخلاقها الدّين تجاهد الشهوات حتى تحكمها وتخضعها، ولا سلطان للهوى في أرجائها وليس للنزوات من ميلاد في جنباتها، فهي ترى أن اللذات الدنيوية زائلة لا تساوي شيئاً وأن الحياة الدنيا مجرد دار عبور ومواطن امتحان، وهي موقنة أن البقاء والخلود في الحياة الآخرة. وهذه النّفس تجعل من الحياة الدنيا مصدر تزود بزاد التقوى ، فهي تعمل كي تنال الجزاء الأوفى عند خالقها يوم تجزى كل نفس ما كسبت.
وهي لا تفرح لكسب ولا تتأسى على خسران وإذا داهمها مكروه استوثقت بأمر الله فقالت: ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) (10) .
والنّفس المطمئنة توّاقة فرحة للقاء وجه ربّها دون رهبة أو وجل وتتغنّى بلقاء ربّها تستعجل الموت لأن فيه الجزاء الأوفى والخير الدائم وترضى بأجلها كي تزداد وتتواصل في عبادة الله وشكره وطاعته، تعلم وهي واثقة متيقنة أن لكل نفس أجلاً ولا تستقدم ساعة ولا تتأخر. إنّها نفس مطمئنة واثقة في حكم الله وعدله ورحمته مطمئنة البال وهادئة النّفس على الدّوام، لا تفتر ولا تكلّ وتتواكل لأنها موقنة بجزيل الجزاء.
إنّها النّفس المطمئنة التي أعطاها الله سعادة الدّنيا والآخرة فهي التي اطمأنت إلى قول الله وعدله وقوته وقدرته وعلمه، اطمأنت إلى أن الله حق وأن الآخرة حقّ ، واطمأنت إلى قضاء الله، موقنة بقدرة الله وعدله وهذا اليقين هو مصدر الاطمئنان الذي يملأ النّفس ، هي مطمئنة بحب الله ورضاه واثقة متمسكة بأحبال رحمته، تلهج دائماً بذكر الله ، تردد مع كل ومضة وطرفة ربنا الله، هذا هو منهاجها في الحياة وكل نشاط فيها وكل اتجاه وحركة وسلوك غايته حبّ الله، له العبادة وإليه الاتجاه ومنه الخشية وعليه الاعتماد، فلا خوف ولا تطلع لمن عداه فكل تفكير وتقدير متجه إليه فلا احتكام إلا إليه ولا سلطان إلا لشريعته ولا اهتداء إلا بهداه إن أصحاب هذه النفس هم من وصفهم الله في آياته (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (11)
لقد ذُكِرت النّفس الإنسانية في القرآن الكريم بجميع قواها، وعلم النفس يقول على أن كل نفسٍ تقابل قوة لدافع، فالنّفس الأمّارة تقابل قوة الدوافع الفطرية " الغريزية " الطاغية وغير المنضبطة والتائهة الضالة، والنّفس الملهمة تقابل القوة الواعية. قال تعالى : ((وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ))(12) ، وقوة الضمير في علم النّفس تقابل النّفس الّلوامة وهي التي يقع منها الحساب كما يقع عليها. قال تعالى: (( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ .وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ.)) (13)
والنّفس البصيرة والعالمة كما ذكرها القرآن هي النّفس العالمة والمبصرة لأفعالها .
قال تعالى: (( بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ .)) (14)
قال تعالى: (( بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ .)) (14)
أما قوة الإيمان والثقة بالغيب والسكينة والاطمئنان فهو في النّفس المطمئنة. قال تعالى :
(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً .)) (15)
(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً .)) (15)
وجميع قوى النّفس البشرية تجمعها خاصة واحدة هي الإنسان الكائن المكلّف. قال تعالى:
(( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) (16) ، وقال تعالى: ((عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ )) (17)
(( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ )) (16) ، وقال تعالى: ((عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ )) (17)
جدير بنا أن نفقه هذه الحقائق عن النّفس الإنسانية وترتيب هذه القوى داخل الذات الإنسانية، وحري بنا أن ندرك عمل كل من هذه القوى في تميّز الإنسان بمنزلة الكائن المسئول، فالإنسان يعلو على نفسه ويعلو على عقله بروحه فيكون بجانب النّفس بقوى الغرائز الحيوانية ودوافع الحياة. ويتصل من جانب الروح بعالم البقاء وسر الوجود الدائم بالإيمان والإلهام.
وتبقى النّفس البشرية تبعث على الدهشة والحيرة للباحث في أعماقها، فالعقل البشري عاجز حائر عن إدراك أحوالها، يخوض في تحليلها تارة فيتوه في دهاليز أعماقها المظلمة فلا يجد بصيصاً من نور يكشف له كنه تكوينها ثم يقلب صفحات كتابها محاولا استقراء أطوارها وأفكارها فيصطدم بطلاسم من الكلمات والألفاظ لا يقوى على فهمها واستنتاج مضمونها، إنّها النّفس البشرية التي لا يكشف أسرارها ولا يطّلع على خباياها ولا يعلم هذه الخبايا إلا خالقها ومبدعها.
__________________
إعداد :: رنيـم شـاكر أبو الشـامات
March 12, 2011
Resources
ο "الإنسان الروح والعقل والنفس" الدكتور نبيه عبد الرحمن عثمان.
ο " أضواء على النّفس البشرية " الدكتور عبد العزيز جادو.
الهوامش:
(1) تعريف سقراط ( وهو من أشهر فلاسفة الإغريق ومؤسس فلسفة الأخلاق)، عن كتاب " دراسات في الفلسفة الإسلامية " د. محمود قاسم.
(2) الآيات 7- 10 من سورة الشمس.
(3) الآية 53 من سورة يوسف.
(4) الآيات 7- 8 من سورة الشمس.
(5) الآيات 9- 10 من سورة الشمس.
(6) الآية 4 من سورة الطارق.
(7) الآيات 16- 18 من سورة ق.
(8) الآيات 39- 44 من سورة النجم.
(9) الآيات 20-21 من سورة ق.
(10) الآية 216 من سورة البقرة.
(11) الآيات 13- 14 من سورة الأحقاف.
(12) الآية 53 من سورة يوسف.
(13) الآيات 1- 2 من سورة القيامة.
(14) الآيات 14- 15 من سورة القيامة.
(15) الآيات 27- 28 من سورة الفجر
(16) الآية 38 من سورة المدثر.
(17) الآية 5 من سورة الانفطار.
0 التعليقات:
إرسال تعليق