الأحد، 27 مارس 2016

تحت تصنيف:,

التّدخيـــن ... الرفيــقُ القَــاتـِــل

Utopian Body Utopian Keys
التّدخيـــن ... الرفيــقُ القَــاتـِــل





جلس الشـاب يدخن باستمتاع بالغ، لكن نوبة من السعال 
قطعت عليه هذه المتعة ..
أشار صديقه إلى السيجارة التي بيده ، وكأنّه يلقي عليها اللوم ..
فسمعته يقول له وهو يهزّ رأسـه : " كلّنا نعرف مضار التدخين ولكننا ندخن ....
فهل صحيح أن المدخنين جميعاً أو معظمهم يعرفون مضار التدخين ؟؟!
من المعروف أنّه ليس من السّهل دائماً الإقلاع عن عادة من العادات خاصة تلك العادة التي تعيش مع الإنسان سنوات كثيرة كالتدخين،
ولكنّي أؤمن بأن أول خطوة في سبيل تغيير أية عادة ضارة إنما هي المعرفة ..
معرفة هذا الضّرر، والوعي بخطورة هذه العـادة على حياة الإنسان..
فما هو التدخين ؟..  وما التأثيرات الطبية للتدخين ؟..
إنّ أبلغ ما قيل في التدخين هو ما قاله الكاتب الهندي "ديس ماك هيل " :
( تصوّر أنك تعدو وراء الحافلة، من محطة إلى محطة، واضعاً فمك على ماسورة العادم و أنت تتنفس بقوة وعمق الأدخنة السّامة .. هذا هو التدخين . )

خطر التدخين على حياة الإنسان:

التدخين هو من أكبر الآفات التي يعاني منها المجتمع، لا بل هو من أشد الأخطار التي تهدد صحة
الإنسان، والسبب هو أن هذه الآفة تتعدى الشخص المدخن لتطال كل من حوله من غير المدخنين ، وهو ما يعرف باسم المدخنين السلبيين ، حيث يتم انتقال الدخان إلى صدور هؤلاء  بعد بثه في الهواء من المدخن الحقيقي، وهذا الدّخان يحتوي على 500 مركب كيميائي وغازي، تختلف نسبها بحسب نوع التبغ الذي يتعاطاه الشخص المدخّن، ومن أهم هذه المركبات الكيميائية وأخطرها على الصحة: القطران، الكربون المؤكسد، النيكوتين وهو مادة شبه قلوية سامة جداً ولها تأثير خطير على الجسم، إذ تُعرض المدخن للإصابة بأمراض القلب، والجهاز التنفسي، وسرطان الرئة.. بل أكثر من هذا.
إنّ الأخطار الصحية للتدخين أصبحت من الوضوح والتحديد بدرجة لم يعد معها أي شكّ، ومما تأكد منها إلى الآن هي التالي حيث تدل الإحصاءات على أن نسبة الوفاة قبل سن الخامسة والستين تبلغ ضعفيها في المدخنين، وعلى أن التغيب عن العمل ثلاثة أمثاله في المدخنين عنه في عير المدخنين، وأن نسبة سرطان الرئة من 70 إلى 90 مثلاً في المدخنين بالقياس لغيرهم، ونسبة انتشار النزلات الشعبية الرئوية ستة أمثالها في المدخنين بالنسبة لغير المدخنين ، وأن المصابين بأمراض القلب يموتون بسبب التدخين، وأن للتدخين علاقة وثيقة بقرحة المعدة ، والاثني عشري، وأمراض الدورة الدموية الطرفية، وأن سن انقطاع الطمث تتقدم في المدخنات، وأن وفاة الجنين، والتشوهات الخلقية، والولادة المبكرة أكثر في المدخنات منها في غير المدخنات، وأن مخالطي المدخنين خاصة في الأماكن القليلة التهوية، يتعرضون للتأثيرات الضارة التي يتعرض لها المدخنون أنفسهم، وإن ما يستنشقه المخالط تحت هذه الظروف يمكن أن يعادل تدخين سيجارة في الساعة .. (1) .. نعم إنها حقائق وآفات مرعبة ... لكن هناك المزيد  
حيث تعتبر الأمراض التي تترتب على التدخين أهم وأخطر المسببات الأكيدة المعروفة لوفاة لإنسان في وقتنا الحالي .. فأمراض الأوعية الدموية والقلب والمخ تمثل 50% والسرطان يكون 30% من مجموع الوفيات في أي دولة متقدمة.. والتدخين من أهم العوامل التي تؤدي إلى هذه الأمراض، إلى جانب أمراض واضطرابات أخرى عديدة كثيراً ما تؤدي أيضاً إلى وفاة الإنسان.. ومن تلك الأمراض : سرطان الرئة، وسرطان الحنجرة وسرطان الفم وسرطان المريء وسرطان المثانة وسرطان الكلية وسرطان البنكرياس وأمراض القلب والأوعية الدموية كالجلطة، وتصلب الشرايين التاجية والطرفية، وأمراض الرئتين .. (2) (3)
وفي أبحاث علمية أجراها الطبيب الإنكليزي (دوغلاس موديل) قام بإضافة مصطلح جديد أطلق عليه "وجه المدخن "، وذلك بعد دراسة استغرقت عدة سنوات، قام بنشرها في المجلة الطبية الإنكليزية طالباً إدخال عبارة وجه المدخن إلى القاموس الطبي العالمي، حيث توصل عبر أبحاثه الطبية في هذا المجال إلى تحديد أوصاف وجه المدخن، وبخاصة بعد أن يكون قد قضى فترة طويلة تناهز عشر سنوات في تعاطي الدخان الناجم عن التبغ، ويقول دوغلاس محدِّداً الأوصاف التي يتمتع بها وجه المدخن: " غالباً ما نشاهد لدى المدخن المدمن
على السجائر وغيرها من مشتقات التبغ وجهاً مجعداً ومليئاً بالأخاديد حول العينين والشفتين وعلى الوجنتين أيضاً، ويكون في أغلب الأحيان وجهاً سميكاً وغليظاً مثل الجلود الصناعية، وأحياناً شاحباً، وتكون عظامه بارزة كالنتوءات، ولونه مائلاً إلى الرمادي أو الأزرق بسبب نقص الأوكسجين الناجم عن السموم التي يحتويها الدخان، وبحسب رأي دوغلاس فإنّ التدخين يعمل على انقباض الأوعية الدموية في الطبقة العليا من الجلد التي تقلّل بدورها كمية الدم التي تصل إلى الجلد، وهذا النقص في كمية الدّم يؤدي في الوقت نفسه إلى نقص في كمية الأكسجين اللازمة لعمل الخلايا الحية، وتجديد الخلايا الميتة، والتخلص من الفاسد منها أيضاً ، وعلى ضوء هذا الوجه سيبدو المدخن أكبر من عمره، كما لو أنه يرتدي هذا الوجه المستعار فوق وجهه الحقيقي بغض النظر عن السن، أو الطبقة الاجتماعية، أو التعرض لأشعة الشمس، وتوضح الدراسة أن تدفق الدم في إصبع الإبهام يقل بنسبة  24% بعد السيجارة الأولى، وإلى 29% بعد السيجارة الثانية.
وفي دراسة أخرى نشرتها الأكاديمية الأميركية لأمراض الجلد أفادت بأن التدخين لمدة عشر دقائق يحدث نقص في كمية الأوكسجين التي تصل إلى الأنسجة لمدة ساعة تقريباً، لذا تدخين علبة كاملة من السجائر يعني نقص وكسجين طوال يوم كامل.

خطر التدخين على الطفولة
وللتدخين أضرار على جنين المرأة الحامل إذ يؤدي إلى نقص نمو جنين الحامل المدخنة ونقص وزنه، كما يعرضه للعيوب والتشوهات الخلقية، وترتفع نسبة الوفاة في أجنة المدخنات قبل الولادة وأثناءها
بمقدار 28%  عنها في أجنّة غير المدخنات.
كما أن للتدخين تأثير مباشر على الجنين .. وتنتقل أضراره من دم الأم إلى الجنين عن طريق الحبل السري، ويمتد هذا التأثير إلى ما بعد الولادة حتى سنّ الحادية عشرة.
وقد أظهر تقرير نشره المركز القومي  للإحصائيات الصحية في الولايات المتحدة الأميركية أن الأطفال الذين يدخّن آباؤهم وأمهاتهم يتعرضون للإصابة بالأمراض أكثر من الأطفال الذين لا يدخن والديهم ، حيث قان الباحثون بدراسة شملت حوالي (37000) أسرة وأظهرت نتائجها أن الأطفال الذين يعيشون مع آباء وأمهات يدخنون السجائر يتعرضون للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي كالأنفلونزا واحتقان الشعبيات الرئوية بنسبة 30% أكثر من الأطفال الذين يعيشون مع آباء وأمهات لا يدخنون..

أوقفوا هذا الـوبـاء
أفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة في نهاية عام 2007 بأنه يقع كل يوم زهاء ألف شاب على مستوى العالم في دائرة الإدمان على التدخين، وقد سجلت أعلى المعدلات في أوروبا، في حين بلغت هذه المعدلات أدناها في قارة آسيا، وجاء في التقرير أن التدخين يتسبب سنوياً بموت حوالي (10) ملايين شخص وإعاقتهم، من بينهم (4) ملايين شخص في عمر مبكر، وهو ما يجعل منظمة الصحة العالمية
تطلق عليه صفة " الوباء" وهي صفة تسوِّغُها التوقعات التي تشير إلى أن التدخين سيكون السبب الرئيس للوفيات والعجز الجسدي في العام 2030، حيث من المتوقع أن يقتل أكثر من (10) ملايين شخص سنوياً ، وهو عدد يزيد على ما تحصده العدوى بفيروسي الإيدز والسّل، والوفيات أثناء الولادة، وحوادث السير، والانتحار والقتل. وتعدُّ الدول النامية بما فيها منطقة الشرق الأوسط صاحبة الحظ الأوفر في هذه التوقعات، إذ سيطالها 70% من هذه الوفيات، لاسيما في ظل غياب الإجراءات الناجعة للحدِّ من انتشار هذا الوباء فيها، وغياب الوعي الصحي الذي يعدّ مسئولا عن تنامي خطره.
إنّ آثار التدخين الضارة على الصحة تبدو مريعة مخيفة إذا أدركنا أن ملايين البشر يلاقون حتفهم في كل عام نتيجة إدمان التدخين .. كما أن عشرات الملايين يعانون من أمراض وبيلة تجعل حياتهم سلسلة متصلة من العناء والشقاء .. وكل ذلك بسبب التدخين ..

السعادة الوهمية
يدعي المدخنون أنهم يحصلون من التدخين على ارتياح سيكولوجي وسعادة اجتماعية ، فهم يدعون أن التدخين يهيئ لهم عزاء الوحدة أو الراحة في أوقات الضيق ، والهدوء في لحظات الثورة والقلق، كما يتصورون أنه يعطيهم حافزاً للعمل والتحرر من الارتباك في المناسبات الاجتماعية..
وفي إحصاء اتفق فيه 90% من المدخنين على أن التدخين عادة سارة إلا أن 60% منهم قد أضافوا أنها
تكلفهم أكثر مما تعطيهم من سرور.. والحقيقة أن انتشار التدخين المستمر خلال القرون الثلاثة الماضية وصعوبة التخلص منه إنما يرجع إلى أثر النيكوتين والإدمان عليه ..
وتبين تجارب الذين أقلعوا عن التدخين أن هذه السعادة والارتياح الذي كان يعطيه التدخين إنما هو مجرد أوهام ، وأن هناك سعادة حقيقية وارتياح يشعر بها المدخن عندما يتوقف عن التدخين..
والحقائق التي تكشّفت عن ارتباط التدخين بالأمراض المرعبة التي أسلفنا ذكرها قبل قليل يجب أن تدفع بالمدخن إلى مقارنة اللذة المؤقتة التي تدوم لحظات بذلك الضرر البالغ الذي يصيب الإنسان طوال العمر، كما أننا يجب أن نعلم أن خطر التدخين يزول نهائياً من الجسم بعد عشر سنوات من التوقف عن التدخين ، وهي مدة طويلة تحتاج من المدخن أن يبدأ بالتوقف الآن ...
((وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)) الآية 29 -  سورة النساء .... فهلّا كنتم رحماء بأنفسكم وبمن تحبون و أوقفتم هذا الوباء ؟؟!!!.

_________________________
إعداد  :: رنيـم شـاكر أبو الشـامات
‎‎March 12, 2011          

Resources
ο الموسوعة الصحية .. مجموعة كتب علمية تبحث في الصحة والغذاء والوقاية من الأمراض: وضع مجموعة من الأطباء العرب والعالميين.
ο الهدي الصحي سلسلة التثقيف الصحي من خلال تعاليم الدين – الجزء الأول الحكم الشرعي في التدخين مجموعة من العلماء – منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق البحر المتوسط
    ο World Health Organization Website
    ο L'express magazine.
    ♦Rights to these images are owned by WHO Framework Convention on Tobacco Control 
      /and can be used free of charge for all legitimate purposes.


الهوامش:
(1) الأستاذ الدكتور عبد العزيز سامي أستاذ الأمراض الصدرية وعميد كلية الطب الأسبق بجامعة القاهرة
(2) الأستاذ الدكتور إسماعيل السباعي عضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للسرطان
(3) الأستاذ الدكتور شريف عمر أستاذ جراحة السرطان بجامعة القاهرة


بوابة يوتوبيا

Author & Editor

مقـالات متخصصة في الفكر وتطوير وتنمية الذات بقلم رنيـم شـاكر أبو الشـامات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 

Utopia Gate Directory

  • Copyright © Utopia Gate™ is a registered trademark.
    Designed by Templateism. Hosted on Blogger Platform.