الـوضـــوء
الرياضــة المائيـــة التعبدّيــة
الرياضــة المائيـــة التعبدّيــة
المفـردات:o حول معنى وأهمية الوضوءoالوضوء وقاية لكثير من الأمراضoالوضوء لمقاومة سرطان الجلدoالأهمية الصحية للمضمضة ونظافة الأسنان♦ الرياضة العضلية للمضمضةo الأهمية الصحية للاستنشاق ونظافة الأنف♦ عظمة المبالغة في الاستنشاق♦ الرياضة العضلية للمضمضة والاستنشاقo الأهمية الصحية لنظافة الوجه♦ الرياضة العضلية لغسل الوجهo الأهمية الصحية لغسل اليدين إلى المرفقين♦ الرياضة العضلية لغسل اليدين إلى المرفقينo الأهمية الصحية لغسل الرأس والرقبةοالأهمية الصحية لنظافة الأذنين♦ الرياضة العضلية لمسح الرأس والأذنينo الأهمية الصحية لنظافة القدمين وتخليل الأصابع♦ الرياضة العضلية لغسل القدمينo الأهمية الصحية للغُسل
ممّا لاشك فيه أن الإسلام كان ذا شأن كبير وعظيم في تقدّم العلوم كلّها ، خاصّة الطبّ، ولكن الطبّ الإسلامي لم يعط له من الأهمية ما يستحقها، وغَورُ فوائده العظيمة لم يُسبر بعد تماماً حتى يومنا هذا .
والحقيقة أن الإسلام جاء بنظام تربوي خاص مستوحى من كُنْهِ الحياة وإدراك خصائص النفس البشرية، ومنها التعرّف إلى حاجة كل من الجسد والنفس وضمان العمل بالوسائل المؤدية إلى حفظ التوازن بينهما.
ويمكننا القول أنّه أعطى الواجبات الصحيّة صبغة دينية، يقول سان جورجيو دوريلانو (1) :" إن الفروض والواجبات والسنن والمستحبات التي كُلـّفَ بها المسلمون ترمي إلى إصابة هدفين وتحقيق غايتين في آن واحد، غاية دينية وغاية صحيّة " . ويقول رينيه ساند (2) :" إنّ تعاليم الإسلام الدّينية تحافظ على الصحّة وتحسّنها لأنّها تدعو إلى الاعتدال في الأكل والشّرب وتفرض النظافة والاغتسال بالماء الطّاهر خمس مرّات في اليوم وقبل كل صلاة و لأن الصلاة مجموعة من حركات ريّاضيّة ولأنّ الإسلام يأمر بتجريد المرضى المصابين بأمراض سارية ".
فنجد أنّ الإسلام بتعاليمه وسنّة نبيّه محمد صلى الله عليه وسلّم قد وضع قواعد الوقاية للأجسام البشرية من عاديات الأوبئة والأمراض المعدية ، كما وضع لها قواعد الرياضة المائية التي تؤمن نظافتها وطهارتها كاملة في الوضوء والغسل . لقد كان محمد صلى الله عليه وسلّم دائم النظافة والطّهارة ، نقي الوجه جميل الصورة ، يتوضأ قبل كل صلاة ويغسل كل جزء من أجزاء جسمه الشريف ثلاث مرات أثناء عملية الوضوء ضمانا لاستمرار النظافة والوقاية ، وليس غريبا على كل مسلم أن يقتدي في نظافة جسده برسول الله استئناسا بقوله تعالى:: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )) الآية 21 من سورة الأحزاب
حول معنى وأهمية الوضوء
إن كلمة وضوء في اللغة العربية مشتقة من الوضاءة التي تعني النظافة والحسن والبهاء والتألق .. أمّا المقصود بالوضوء من الناحية الشرعية هو استعمال الماء الطهور على أعضاء مخصوصة من الجسم قد حدّدها وشرّعها الله تعالى في كتابه العزيز بقوله عزّ وجلّ : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) الآية 6 من سورة المائدة
والرسول الكريم زادنا شرحا تفصيليا بنماذجه الشريفة لعملية الوضوء الصحيح قبل كل صلاة وكان يعتبر النظافة والطهارة للجسد والثوب هي بمثابة نصف الإيمان بقوله الشريف " النظافة شطر الإيمان " وقال صلى الله عليه وسلم : " إنّمـا أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة " رواه أبو داود والترمذي. ومن قوله عليه الصلاة والسلام : " إنّ أمّتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين (3) من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " (4) .
وقد ثبتت مشروعية الوضوء وفضله بأدلة ثلاث هي القرآن الكريم والسنّة الشريفة وإجماع المسلمين على مشروعيته من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
( اضغط على الصورة لتكبيرها)
الوضوء وقاية لكثير من الأمراض:
إنّ عملية الوضوء تعتبر حجر الزاوية في بناء علم الطبّ الوقائي للحماية من أخطار تلوث البيئة، وعدم التعرض لانتقال الأمراض المعدية والوبائية .. لأن الوضوء المتكرر خمس مرات يوميا قبل كل صلاة هو أفضل و أعظم أساليب النظافة الشخصية اليومية ، خاصة عندما تصبح عملية الوضوء عادة منتظمة منذ الصغر وحتى الكبر .
لعلنا نتفق منذ البداية على أن الأجزاء التي أمرنا الله تعالى وأوصانا رسوله الكريم بغسلها جيدا قبل كل صلاة هي أكثر أجزاء الجسم تعرضا للتلوث سواء نتيجة لخروج الإفرازات الداخلية على سطح الجسم أو تلوث البيئة، وخاصة إذا علمنا أن الوضوء لا يهتم فقط بالأجزاء المكشوفة من الجسم وإنما اهتم الوضوء أيضا بنظافة فتحات مخارج الجسم ، الفم والأذنين ، و العينين ، و فتحتي البول والبراز ، بغرض إزالة بقايا الإفرازات الداخلية بالماء حتى لا تتخمّر تلك النفايات الضارة وتصبح مرتعا خصبا لنمو وتكاثر الجراثيم والفطريات التي تصيب مثل هذه المناطق بالعديد من الأمراض ، وغيرها من المشاكل الصحيّة والجلدية الخطيرة ، وفي هذا الصّدد يفيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( من توضّأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره ))(5). ثم يزيدنا النبي الكريم شرحا في أهمية الوضوء وفوائده الصحية بقوله الشريف: (( إنّ العبد إذا توضأ فغسل يديه خرَّت خطاياه من يديه فإذا غسل وجهه خرَّت خطاياه من وجهه فإذا غسل ذراعيه ومسح برأسه خرَّت خطاياه من ذراعيه ورأسه فإذا غسل رجليه خرَّت خطاياه من رجليه )) (6) . وستلاحظ كثرة تكرار عبارة الخطايا التي ربما تكون كناية عن الجراثيم والميكروبات والطفيليات الضارة بالإنسان . وبذلك يعتبر هذا الحديث النبوي الشريف وغيره من الأحاديث المتعلقة بالوضوء إشارات ونصائح طبية بالغة العمق، تشير إلى مدى أهمية الفوائد الصحية، والتأثيرات الفسيولوجية لعملية الوضوء.
الوضوء لمقاومة سرطان الجلد:
أكّدت الدراسات المتعلقة بأسباب الإصابة بسرطان الجلد أن الغالبية العظمى منها نتيجة لتعرض الجلد للمواد الكيماوية ، وخاصة الناتجة عن الصناعات البتروكيميائية ، وأظهرت معظم هذه الدراسات أن أفضل طرق الوقاية من سرطان الجلد هي إزالة بقايا هذه الكيماويات من على سطح الجلد أولا بأول أثناء العمل ، وذلك عن طريق الغسل المتكرر حتى يقلل من تأثير فاعلية تلك المواد على خلايا الجلد .
كما لاحظ الأطباء أنّ التعرض الدائم للأجزاء المكشوفة من الجسم لأشعة الشمس ، خاصة الأشعة فوق البنفسجية ، بصفة مستمرة تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد.
وإحصائيات هيئة الصحة العالمية تشير إلى ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الجلد بين الرجال في المجتمع الغربي ، في حين عدم شيوعها في الدول العربية والإسلامية رغم كثرة تعرضهم لأشعة الشمس ، وربما يرجع تفسير ذلك إلى كثرة تكرار عملية الوضوء يوميا ، حيث تساعد كثيرا في سرعة ترطيب سطح الجلد ، مما يؤدي إلى حماية خلايا الطبقة الداخلية للجلد من التأثيرات الضارة للأشعة فوق البنفسجية ..
وهذه هي إحدى روائع التأثيرات الطبية للوضوء لضمان نظافة ووقاية الأجزاء المكشوفة من الجسم والأكثر تعرضا للإصابة بالأمراض المتنوعة .
الأهمية الصحية للمضمضة ونظافة الأسنان:
إنّ لغسل جوف الفم بالمضمضة ، خاصة بعد الانتباه من النوم الليلي أو النهاري، فائدة عظمى في طرح الجراثيم الضارة التي قد تنمو أثناء النوم وتفرز سموماً مؤذية ، لأن تراكم بقايا الطعام بالفم ودخوله بين الأسنان، خاصة النفايات الناتجة عن المواد النشوية والسكرية يصيبها التخمّر والتعفّن، فتؤدي إلى زيادة نمو الجراثيم وبالتالي تصاب اللثة بالالتهاب والجيوب الصديدية وتسوس الأسنان وغيرها من أمراض الفم، التي تنتقل بدورها إلى الجهاز الهضمي فينشأ عنها عسر الهضم والتسمم الذاتي والعديد من الأمراض المختلفة .والمضمضة ثلاثاً خمس مرات في اليوم تحفظ الفم و البلعوم من الالتهابات وتنخّر الأسنان وبالتالي حماية الجهاز الهضمي، نعم إنّها تؤمن هذه المنافع كلها على الوجه الأتمّ.
ولا يخفى أيضاً أن رائحة الفم مزعجة جداً وأسبابها إهمال نظافة الفم والأسنان ، وإن المضمضة والسواك يصونان الفم من الأمراض الفتاكة، ويكسب الفم رائحة طيبة ونفساً مقبولاً أثناء الكلام والحديث مع الآخرين عن قرب لذلك تجد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة تحض على استعمال السواك مثل قوله صلى الله عليه وسلم:( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )) (7) ، وكان رسول الله مثالا عمليا لنظافة الفم حيث استعمل السواك في كثير من أوقات النهار والليل بالإضافة إلى استعماله قبل كل صلاة ويقول في ذلك لأصحابه : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) (8)
◊ الرياضة العضلية للمضمضة :
أما من الوجهة الرياضية البدنية فإن المضمضة تقوي لثة الأسنان وتنمي بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديراً وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم .
الأهمية الصحية للاستنشاق ونظافة الأنف:
من المتفق عليه بين فقهاء السنة المطهرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستنشق بالماء ثلاث مرات عند كل وضوء ، وينصح المسلمين بعمل ذلك مع كل وضوء، ولم يكتف بذلك بل أمرنا بالمبالغة في عملية الاستنشاق والاستنثار زيادة في تأكيد نظافة باطن الأنف ، وتخليصه من الشوائب والإفرازات بقوله الشريف : " أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " (9). وقال " إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر " (10) .
نعم فالأنف يعتبر المصفاة الطبيعية لترشيح ودخول الهواء إلى الرئتين، وذلك من المعروف علمياً بأن التنفّس الصحيّ لا بد أن يكون عن طريق الأنف ، الذي يحتوي على الحواجز الغضروفية المكسوة بغشاء من النسيج الخلوي المخاطي من الداخل ، وهو مزود بأهداب لها خاصية اللزوجة ، تعمل على اجتذاب وحجز الأتربة والأجسام الغريبة المليئة بالجراثيم من الدخول ، هذا بجانب الشعر الناعم الرّقيق داخل فتحتي الأنف مع العديد من الشعيرات الدموية السطحية التي تعمل على ترطيب الهواء واكتسابه درجة حرارة مناسبة أثناء عملية الشهيق تمهيدا لدخوله القصبة الهوائية ثم الرئتين .
ومعظمنا يعرف أن أكثر الأمراض انتشارا هي التي تنتقل للإنسان بواسطة الرذاذ عن طريق التنفس ، كالأنفلونزا ، الدفتريا ، إلتهاب الغدة النكفية ، أمراض الجهاز التنفسي .. إلخ ..من الأمراض التي يصل فيها الميكروب الوبائي إلى الأنف أولاً ثم الحلق ، وبعد ذلك إلى داخل الجسم . من هنا نلاحظ أن الاستنشاق المتكرر والاستنثار ثلاث مرات عند كل وضوء يساعد الإنسان في التخلص من أكبر قدر ممكن من تلك الجراثيم مما يؤدي إلى تقليل فاعلية الجزء المتبقي من الميكروبات إلى أدنى درجة ، وهكذا تتكرر هذه العملية في الوضوء التالي بعد حوالي ثلاث ساعات فتخلص الأنف من باقي الجراثيم والفيروسات التي احتجزت على سطحه الداخلي اللزج ، لتنطلق مع بقية الإفرازات خارج فتحتي الأنف ، وبذلك يصبح الاستنشاق والاستنثار وقاية رائعة من الأمراض الخطيرة .
◊ عظمة المبالغة في الاستنشاق
أظهرت نتائج الفحص المجهري للمزارع الجرثومية من أنوف من لا يصلّون وجود مستعمرات جرثومية عديدة بها كميات ضخمة من الجراثيم العنقودية والعقدية والمكورات الرئوية المزدوجة والدفتروئيد والبروتيوس والكلبسيلا ، أما الأفراد الذين يتوضئون بانتظام فلم تظهر المزارع عندهم أية مستعمرات جرثومية .. وكانت أنوفهم طاهرة نقيّة ، ما عدا عدد قليل منهم حيث ظهرت الجراثيم التي ما لبثت أن اختفت بعد تعليمهم كيفية الاستنشاق الصحيح .. وبذلك استطاع البحث العلمي إلقاء المزيد من الضوء على فهم بعض أسرار المبالغة في الاستنشاق التي أوصانا بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أفضل ما ينقّي الأنف ، لأنه بعد مضي عدة ساعات يرجع الأنف إلى حالة التلوث مما يستدعي الأمر إعادة غسله وتنظيفه ، وهذا ما يحدث بالفعل مع توقيت كل صلاة .
◊ الرياضة العضلية للمضمضة والاستنشاق
إنّ أهم العضلات العاملة أثناء القيام بالمضمضة وتنظيف الفم والأسنان ، والمتحركة أثناء عملية الاستنشاق والاستنثار لتنظيف الأنف هي عضلات اليد والذراع ، والرباط العضلي للكتفين ، وكذلك عضلات الوجه ، وخاصة العضلات الماضغة ، وعضلات الرقبة والظهر ، بالإضافة إلى عضلات التنفس ، وهذا يعتبر تمريناً رياضياً يومياً رائعاً .
الأهمية الصحية لنظافة الوجه:
يعتبر وجه الإنسان هو المرآة الحقيقية التي تنعكس عليها حالة الجسم الصحية والنفسية، والمواظبة على غسل الوجه ثلاث مرات عند كل وضوء تعني غسل الوجه يوميا (15 مرة ) لأداء الصلوات الخمس ، يعتبر ذلك كافيا للمحافظة على نظافة الوجه، وسرعة التخلص من بقايا الأتربة العالقة بالبشرة أولا بأول قبل تراكم الجراثيم عليها وتنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية والعرق ، والمحافظة على نظافة دائمة للعينين ، وعدم تعرّضها للالتهابات أو أحد أمراض العيون .
إن تكرار غسل الوجه بالماء البارد عدّة مرات يوميا يؤدي إلى زيادة تنشيط خلايا بشرة الوجه ، حيث يجعل أنسجتها قوية مرنة غير مترهلة ، ويساعد ذلك على زيادة حيوية ونضارة الوجه ، ومكافحة التجاعيد لتأخير ظهورها. وعن طريق المواظبة على الوضوء يكتسب الوجه النضارة والنقاء ويصبح وضاءاً .
◊ الرياضة العضلية لغسل الوجه
إنّ أهم العضلات المتحركة أثناء عملية غسل الوجه هي عضلات الرقبة، والأطراف العليا، وعضلات الجذع ، و أيضاً عضلات البطن.
الأهمية الصحية لغسل اليدين إلى المرفقين:
مما لا شكّ فيه أنّ اليدين والسّاعدين حتى المرفقين هما أكثر أجزاء الجسم تعرضا للتلوث بالجراثيم والميكروبات ، نظراً لأننا لا نستطيع الاستغناء عن اليدين والساعدين في أداء الأعمال والواجبات اليومية ، كما أنّ معظم الجراثيم تتراكم تحت أظافر اليدين، وبين ثنايا الأصابع، وربما تلوّث بعض أجزاء من الساعدين حسب طبيعة العمل الممارس من قبل الإنسان.
وبما أن الدورة الدّموية في الأطراف العلوية ( اليدين والعضدين والساعدين ) ، والأطراف السفلية ( الرجلين والساقين ) أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب ، فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية .. ومن هنا نجد أنّ عملية غسل اليدين إلى المرفقين بمثابة الرحمة من الخالق سبحانه وتعالى بعباده حرصا على سلامتهم و وقايتهم ، ولذلك جاءت سنن الوضوء بغسل الكفين إلى الرسغين ثلاثاً ، وغسل اليدين إلى المرفقين ثلاثاً.
◊ الرياضة العضلية لغسل اليدين إلى المرفقين
إنّ أهمّ العضلات العاملة في غسل اليدين إلى المرفقين هي عضلات اليدين والساعدين ، وكذلك تتحرك عضلات الأطراف العليا وخاصة العضلة العضدية ورباط الكتف ، وفي نفس الوقت تتحرك عضلات الرقبة والجذع.
الأهمية الصحية لمسح الرأس والرقبة:
وضع الرسول الكريم نموذجا عمليا لكيفية مسح الرأس والأذنين ، و مما ورد عن وضوءه صلوات الله عليه وسلامه عندما مسح رأسه الشريفة بيديه ، وصف عبد الله بن يزيد رضي الله عنه ذلك بقوله: " فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه " (11).
إنّ الاهتمام بالمواظبة على مسح هذا الجزء من الرأس بالماء يضمن إزالة الإفرازات الدهنية الخارجة
من أعلى الجبهة العالقة بالغبار ، والمحافظة على نظافته تجنب الإصابة بالالتهابات الجلدية وغيرها من مشاكل فروة شعر الرأس .
بالإضافة إلى عظمة السنن النبوية في مسح الرقبة بالماء أثناء الوضوء والتي تساعد في سرعة التخلص من الإفرازات العرقية الممزوجة بالأتربة والجراثيم ، فتصبح إزالتها أكثر سهولة لتجنب الكثير من المتاعب الصحية التي أقلّها حدوث الالتهابات الجلدية.ولعملية مرور الماء البارد على الرأس والأذنين والرقبة عدّة مرّات يوميا عند كل وضوء تأثيرات منعشة ، وتقلّل من الشعور بالتعب العقلي أو حالات الصداع ، وارتفاع ضغط الدّم ، كما أن المواظبة على تكرار غسل هذه الأجزاء الحيوية يجعل للإنسان رائحة مقبولة دائما ، وشكلا نظيفا منتعشا متجدد النشاط طول اليوم .
الأهمية الصحية لنظافة الأذنين:
ترجع أهمية نظافة الأذنين إلى معرفتنا بأن الأذن الداخلية تفرز دائما مادة شمعية تتراكم ببطء تدريجيا ، بالإضافة إلى سهولة تعرض فتحتي الأذنين لدخول وتراكم الغبار والأتربة التي سرعان ما تمتزج مع تلك الإفرازات الشمعية مسببة الكثير من متاعب الأذن .. فإذا لم يواظب الإنسان على التخلص من تلك النفايات والشوائب عن طريق الوضوء، تكون النتيجة انسداد الأذن الداخلية ، وبالتالي حدوث الالتهابات التي ربما تنتقل إلى الداخل فتسبب ضعف السمع ، ومع إهمال النظافة والعلاج يتأثر مركز توازن الجسم بالأذن الداخلية (القنوات الهلالية ) فيضطرب اتزان الجسم مسببا العديد من المتاعب.
لقد ثَبُت في السنّة المطهّرة أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمسح بسبابتيه داخل الأذنين ، ويدور بإبهامه خارج صِوانيهما وشحمتهما ، فيزول كل ما علق بهما من غبار أو إفرازات.
◊ الرياضة العضلية لمسح الرأس والأذنين
إنّ عملية مسح الرأس والرقبة و الأذنين تشترك فيهما عضلات الجزء العلوي وخاصة العضلة الدالية وشبه المنحرفة والعضلة المسطحة التي تغطي الجمجمة وتمتد من الجبهة إلى القفا على شكل غشاء رقيق، ولكن التأثير الكبير للحركات يكون على العضلة الجبهية و القفوية.
الأهمية الصحية لنظافة القدمين وتخليل الأصابع:
إن القدمان تتحملان العبء الأكبر من ضغط وزن الجسم، وكثرة احتكاكاتهما المستمرة أثناء المشي والجري على مختلف أنواع الأرضيات ، ومما يزيد المشكلة تعقيدا في حياتنا المعاصرة أنّ القدمان غالبا ما تكونان محبوستان لفترات طويلة داخل الحذاء ، ونظرا لكثرة وجود الثنايا الجلدية بين أصاب القدمين وعدم تعرضهما للتهوية الكافية ، بالإضافة إلى كثرة الإفرازات العرقية مع ارتداء الجوارب المتنوعة تصبح هذه البيئة أكثر ملاءمة لتكاثر الجراثيم والفطريات الضارة ، فيصاب الإنسان بالالتهابات ولعديد من الأمراض الجلدية المتنوعة وفي مقدمتها مرض التينيا (12)، وصدور الروائح الكريهة التي يتقزز منها الإنسان.
لذلك حرصت التعاليم الإسلامية على ضرورة تنظيف القدمين والعناية بثنايا الجلد بين الأصابع.
ومن الطبيعي جدا لكل إنسان أن يغسل وجهه ويديه ربما عدّة مرات في اليوم الواحد لسبب من الأسباب ، ولكن طريقة الغسل تكون تقليدية أو عشوائية بعيدة عن التقنين . أما أن يغسل هذا الشخص قدميه عدة مرات يوميا فهذا ما لا يتصوره أحد ..
◊ الرياضة العضلية لغسل القدمين
من عجائب وضع الوضوء الذي يتخذه جسم المتوضئ عند غسل قدميه أنه يصبح مجبرا على الوقوف أو القعود على شكل القرفصاء والاستناد على قدم واحدة ، وخاصة أثناء تخليل أصابع القدم الأخرى، ولكي يتخذ الجسم هذا الوضع لا بد له من تحريك جميع عضلات الجسم بما في ذلك عضلات الأطراف العليا وعضلات الجذع والحوض ، وخاصة عضلات أربطة الحوض والساقين ، وبالإضافة إلى أنّ هذا الوضع سواء في حالة الوقوف أو القرفصاء بالارتكاز على قدم واحدة يعتبر تمرينا رائعا للتوازن ، وتنمية وتطوير درجة الاتزان العصبي تدريجيا مع كل وضوء كما أن جميع الحركات التي يؤديها الجسم أثناء عملية الوضوء تعتبر بمثابة تمرينات تمهيدية ( تسخين ) لتنشيط وإحماء الجسم استعدادا للوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى لأداء الصلاة بخشوع وحيوية واجتهاد.
( اضغط على الصورة لتكبيرها )
لقد ثبت طبيّاً في عصرنا أن تأثير الماء البارد عظيم جداً على جميع أعضاء الجسم فيما إذا غسلت بها بعض نواحي الجسم وخاصة لإزالة خفقان القلب وتعديل النبض المتسرع وتنظيم الدورة الدموية ، الأمر الذي يزيد في نشاط الجسم وفعاليته . كما أنّ الوضوء بالماء البارد هو أفضل علاج لمنع حدوث سوء التغذية لمساعدته على إحراق فضلات الطعام وبذلك تحصل الوقاية من أمراض النقرس ( داء الملوك )، والروماتيزم وفرط السمنة والرمل الصفراوي وسوء الهضم ونقص الشهية للطعام، وعدا ذلك فإن الماء البارد منبه للأعصاب والعضلات والجلد.
الأهمية الصحية للغُسل:
كما أنّ الوضوء مزيل للحدث الأصغر فإن الغسل مزيل للحدث الأكبر ( الجنابة ) ويعيد للجسم طهارته ، وكل من الغسل والوضوء يتطلب ماءً طاهراً غير نجس ويعتبر نوعاً من الرياضة المائية المنعشة للجسم
وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنّ النبي كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلّل بها أصول شعره ثم يصبّ على رأسه ثلاث غرفٍ بيديه ثم يُفيض الماء على جلده كلّه. (13)
يقول الدكتور شروف بييرون في مقال عن حفظ الصحة : " كلما ألفت الحياة الإسلامية أعجبت بقواعد حفظ الصحة العجيبة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين ، وتعتبر نجسة جثث الحيوانات الميتة وروثها وبولها ، ويصبح نجساً الماء الذي تخالطه. ويتبيّن لنا من هذا أنّ فكرة النبي عليه السلام سبقت بألف سنة وأكثر واضعي فن البكتريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف باسيل كوخ والباسيلوس والميكروبات وغيرها من الطفيليات والماء النجس لا يقتصر على نقل التيفوئيد والديزانتريا والكوليرا بل هو السبب في مرض البلهارسيا حينما يستعمل للوضوء فهذا الماء الحاوي على جرائيم البلهارسيا يعتبر نجساً وبالتالي يحظر استعماله للوضوء . إن بحث أسباب النجاسة التي يسميها القرآن ( جنابة ) و( حدثاً ) موضوع دقيق لا نبحث فيه الآن ولكن طريقة التطهير التي ذكرت في الوضوء من الحدث الأصغر ، وفي الغسل من الحدث الأكبر هي كاملة ويجب أن تكون مثالاً . إنّ الشريعة القرآنية في مسألة الطهارة هي خير مثال يحتذى وإن الذي جاء بها هو أقدم وأكبر أستاذ في حفظ الصحة نشأ في العالم وقد أيدتها العلوم الحديثة ".
وأخيراً ..
وبعد مطالعتنا ما وضعته الشريعة الإسلامية و النبي صلى الله عليه وسلم من قواعد الرياضة المائية من غُسل ووضوء ، التي تؤمن الطهارة والنظافة الكاملة للجسد ، و الفوائد الصحيّة العظيمة ، لنطالع معاً ما وُضع من قواعد الرياضة الهوائية ( الصـلاة ) التي تنشط الجسد و الروح معاً ، في الجزء الثاني لاحقاً بإذن الله تعالى .. وهو ولي التوفيق
________________________
بقلم :: رنيـم شـاكر أبو الشـامات
Resources:
οالصلاة رياضة النفس والجسد – مختار سالم .
οالصلاة الطهارة والوضوء – السيد سابق .
ο Reevue de CIBA, No5 – BALE . L’ ISLAM et la Medecine.
الهوامش : (SAN GIORGIO DORILLANO (1في كتاب تاريخ الطب العام " Traite de La Medecine"لمؤلفه لافاساتين LAIGNEL LAVASATINE.
(2) RENE SAND في كتابه نحو الطبّ الاجتماعي Vers La Medecine Sociale
(3) أصل الغرة : بياض في جبهة الفرس ، والتحجيل : بياض في رجله. المراد من كونهما يأتون غرا محجلين ، أنّ النور يعلو وجوههم وأيديهم وأرجلهم يوم القيامة وهما من خصائص هذه الأمة.
أما إطالة الغرّة فبأن يغسل جزءاً من مقدّم الرأس زائداً على المفروض في غسل الوجه، وأما إطالة التحجيل فبأن يغسل ما فوق المرفقين والكعبين .
(4) رواه البخاري .
(5) رواه مسلم.
(6) سنن ابن ماجه ، برواية عمرو بن عبسة .
(7) رواه النسائي الحديث.
(8) رواه البخاري .
(9) رواه الشيخان.
(10) صحيح مسلم.
(11) رواه الستة واللفظ للترمذي.
(12) مرض التينيا : ويدعى مرض الثعلبة وهو مرض جلدي ، يظهر على شكل بقع مستديرة في جلد الرأس.
0 التعليقات:
إرسال تعليق